تتمتع كابادوكيا وهي منطقة واقعة وسط الأناضول في تركيا، بالمشهد الأكثر إثارة في أوروبا نظراً للصخور والأعمدة التي يصل ارتفاعها إلى أربعين متراً، تشكلت بفعل الرياح والأمطار التي أدت إلى تآكل طبقات الصخور الرملية ورماد البركان مشكلة سطحا صخرياً فريدا يشبه لونه لون القمر، فضلا عن مشاهد المناطيد الهوائية التي تسبح في سمائها مشكلة صورة بانورامية تحبس الأنفاس.
تشكلت منطقة كابادوكيا نتيجة لثورة بركان قبل حوالي ثلاث إلى تسع ملايين سنة، وأدت الرياح والأمطار على مدى مئات وآلاف السنين إلى تآكل الصخور ورواسب البركان ، فتحولت إلى أعمدة بأشكال رائعة تشبه المآذن، يصل ارتفاعها إلى 40 مترا.
وعمل الأهالي خلال القرن الرابع إلى القرن 13 بعد الميلاد، على حفر شبكة من الأنفاق والكهوف داخل هذه الصخور، استخدمت ملاجئ ومساكن، ومخازن وأماكن للعبادة والتي تعد اليوم متاحف للفن البيزنطي الفريد، وأكبر مجمع سكني تحت الأرض في العالم.
وكانت كابوديا منطقة مؤهلة بالسكان منذ حوالي عامي 1200 إلى 1800 قبل الميلاد أي إبان عهد الحيثيين، وتحولت في القرن الرابع إلى مأوى وملجأ لأهالي المناطق الواقعة على الحدود مع الامبراطوريات المنافسة منها اليونانية والفرسية والبيزنطية، فحفروا الأنفاق والكهوف في صخور كابادوكيا للاحتماء من بطش الأعداء.
وخلال العهود الأولى للمسيحية، تحولت كهوف كابادوكيا مأوى للمسيحيين الهاربين من الاضطهاد الذي شهدوه في روما. وعمل الرهبان بداية القرن السابع الميلادي، على بناء مساكن واسعة ورسم لوحات بيزنطية على الجدران لا تزال محفوظة إلى يومنا هذا.
يشار إلى أن كهوف كابادوكيا لم تتحول جميعها إلى متاحف، فبعضها لا يزال مساكن وبعضها الآخر تحول إلى فنادق فريدة من نوعها. كما أصبحت اليوم القبلة المفضلة لهواة ركوب المنطاد الهوائي عبر العالم.